الخميس، 25 يناير 2018

كتاب الخيال والمتخيل في الفلسفة والنقد الحديثين

كتاب التخييل والشعر حفريات في الفلسفة العربية الإسلامية

كتاب عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر

الخميس، 19 يناير 2017

تعريفات أولية للبلاغة


خلافا لكلمة نقد، عرف مصطلح البلاغة عند العرب عدة تعريفات، وهي تعريفات تعود إلى لحظات متقدمة في نشأة الثقافة العربية الإسلامية، وتميزت بتحديدها "للبلاغة" باعتبارها خطابا لغويا جماليا يتصف بجملة خصائص أسلوبية وتعبيرية، ومميزات فنية وتركيبة، كما اتسمت بتركيزها على جانب من جوانب ذلك الخطاب، بهم الأسلوب التعبيري عامة، أو مكون من مكوناته الصوتية والدلالية، أو خاصية من خصائصه الأسلوبية والإيحائية، دون أن يعني ذلك أن تركيزهم ذاك يحصر بلاغة الخطاب في المستوى المتحدث عنه، لأن البلاغة في التصور العربي القديم، سواء في لحظات النشأة والتشكل، أو في لحظات النضج والتطور كانت في تصور العرب صفة للخطاب الجمالي في كليته، وليس باعتبار جزء من أجزائه أو مكون صغير من مكوناته. ولئن كانت لحظات النضج تبرز ذلك، فإن مما يدعمه ويؤكده اتسام لحظة تبلور الوعي بقيمة البلاغة ومميزاتها، ببداية نشأة المصطلحات وتشكلها، ولذلك جاءت كثير من المفاهيم معبرا عنها بمصطلحات وألفاظ متداخلة لغويا وغير ناضجة ومستقرة اصطلاحيا، وهو امر استمر حتى حدود بدايات القرن الرابع للهجرة، فكانت البلاغة عامة يقصد بها البيان، كما هو الحال مع الجاحظ، ويشار إليها بالبديع، كما هو الشأن لدى ابن المعتز، كما كان اللفظ يستعمل أحيانا بمعنى الكلمة، وكان المعنى يراد به الصورة الفنية المرتسمة في الذهن.
وبالعودة إلى التعريفات الأولى للبلاغة نلمس بعضا من هذا، من ذلك ما أورده ابن رشيق القيرواني ( ت 456 هـ) في كتابه: العمدة، بحيث قال:
« سئل النبي صلى الله عليه وسلم: فيم الجمال؟ فقال: " في اللسان" يريد البيان.
وسئل بعض البلغاء: ما البلاغة؟ فقال: قليل يُفْهَم، وكثير لا يُسْأم.
وقال آخر: البلاغة إجاعة اللفظ ، وإشباع المعنى.
وسئل آخر فقال: معان كثيرة، في ألفاظ قليلة.
وقيل لأحدهم: ما البلاغة؟ فقال: إصابة المعنى وحُسْنُ الإيجاز.
وقال خلف الحمر: البلاغة لمحة دالة.
(...) قيل لأرسطاطاليس : ما البلاغة؟ قال: حسن الاستعارة.»[1]

يتبين من هذه التعريفات أن البلاغة عرفت تحديدات متعددة عند العرب قديما، ولم يكن الأمر، كما سبق القول، يعود إلى اضطراب في التعريف، أو خطأ فيه. إذ من المعلوم في تاريخ العلوم أن اختلاف التعريفات وتباينها للموضوع الواحد ليس ناتجا عن الخطأ وغياب الضبط والتدقيق، ولكنه يعود إلى اختلاف زوايا النظر إلى ذلك الموضوع، وأحيانا إلى صعوبة ضبطه وتحديده لكونه يستعصي على كل محاولة للضبط والتحديد.
ويبدو أنه إذا تم النظر على هذا الأساس لمختلف تعريفات البلاغة كما أوردها العمدة فسيتبين أن الرسول  (ص) ركز في تحديده للخصائص التعبيرية التي تميز الخطاب اللغوي على البيان باعتباره صفة بديعية للأسلوب تتحقق نتيجة رقيه التعبيري ورفعته اللغوية، ومن ثمة فهو قدرة على الارتقاء بالكلام إلى درجة عالية من الجمال التعبيري. ويبدو أن ما أجمله (ص) في حديثه قد فصلته الأقوال اللاحقة، بحيث أبرزت أن البلاغة شقان: دلالي تصوري؛ وتعبيري تلفظي. فالأول يرتبط بالمعنى وما ينطوي عليه من افكار وصور، والثاني يتصل بطرائق التعبير عن هذا المعنى.
وعليه، فالقول بأن «البلاغة قليل يُفْهَم، وكثير لا يُسْأم» معناه أنها خطاب صادر عن ذات معينة تتوجه به إلى ذات أخرى، يحمل مضامين معينة ويروم إبلاغها بوضوح ودون ملل، ويروم هذا الخطاب تحقيق التفاعل بين الذاتين والتجاوب النفسي والذهني بينهما، سواء كان طويلا أو كان مقتضبا.
أما القول إن «البلاغة إجاعة اللفظ ، وإشباع المعنى»  فيتصل بجانب آخر من بنية الخطاب ومضمونه يهم التكثيف والتركيز المحقق للثراء الدلالي والإيحائي بما لا ينعكس سلبا على بنية العبارة ومقدارها التلفظي. ولئن كان هذا التعريف يعني أن البلاغة خطاب مختصر وموجز ينطوي على عدد هائل من الدلالات والتعبيرات والإيحاءات الفنية والجمالية، فإنه يشي بأن الحديث عن البلاغة لا ينفصل عن تناول المستويين التلفظي والدلالي للخطاب اللغوي، وتحديد الخصائص التعبيرية لكل منهما، وهو ما يتضح من التعريف الموالي الذي يعتبر صاحبه أن البلاغة تتحقق من خلال إيراد «معان كثيرة، في ألفاظ قليلة» ، كما يتضح ذلك أيضا من  « إصابة المعنى وحُسْنُ الإيجاز » اللذين اعتبرا أساس البلاغة وجوهرها .
ومما لاشك فيه أن تركيز التعريفات السابقة على حسن الإيجاز والاقتصاد في اللغة وإيلاء العناية الكبرى للمحتوى التعبيري والإيحائي مقارنة بالجانب التلفظي كل ذلك يدل دلالة واضحة على أن البلاغة في تصور أصحاب التعريفات السابقة تحقق بالتلميح وليس بالتصريح، وتنتج عن الإشارة المقتضبة وليس المفصلة، وذلك لأنها خطاب يقول أشياء دون أن يفصح عنها كليا، ويراهن على ذكاء المتلقي وحسن فهمه وإعمال ذهنه وخياله لتمثل الصورة المقصودة والمعنى المستهدف، وهذا ما لخصه خلف الأحمر في تعريفه لها بحث قال: « البلاغة لمحة دالة.»
أما تعريف أرسطو، فإنه يطرح أكثر من سؤال حول العلاقة أولا بين تصوره للبلاغة والتعريفات السابقة، والعلاقة بينه وبين أصحاب تلك التعريفات، ومن ثمة مدى صحة هذا التعريف المنسوب إليه، ثم مدى تأثير تصوراته في التراث النقدي عند العرب، وغير من ذلك من التساؤلات التي تحتاج إلى وقفة خاصة.
وهو ما سنراه في الحلقة القادمة.  




[1] ابن رشيق: العمدة،1/241-245 .

السبت، 24 ديسمبر 2016

التواصل التفاعلي عند العرب من بلاغة الفهم إلى بلاغة التخييل



*ملخص المداخلة*
لم يكن النص الشعري في تصور النقاد والبلاغيين العرب مجرد بنيات لغوية ومكونات أسلوبية وتركيبية تنتظم في قالب إيقاعي خاص، بل مثل عندهم أيضا، وأساسا، لحظة تواصلية جمالية تربط بين حركتين ذهنيتين وحالتين نفسيتين متباينتين لدى الشاعر والمتلقي، وتحقق التفاعل بينهما على المستويين العاطفي والتخييلي.
وتشي القراءة الفاحصة للعديد من تصوراتهم وأحكامهم أن وعيهم بالقيمة التواصلية للشعر، والخصوصية التفاعلية بين الذات المبدعة والذات المتلقية ظل حاضرا في تقييمهم له وموجها لمواقفهم منه منذ بدء تشكل شعريتهم وصولا إلى أبرز لحظات نضجها وتطورها، فتميز وعيهم ذاك بداية بهيمنة رؤية بيانية قادها الرعيل الأول من اللغويين والمتأدبين سعت إلى وضع إطار للشعر وعماد له يسيج علاقته بالذات المتلقية والعالم ويحدد أفقه التعبيري وأساسه الإيحائي، عبر حصر التفاعل بين الشاعر والمتلقي في الفهم والإبانة والتبليغ بدل الإثارة والإشارة والبديع، ليتطور ذلك الوعي لاحقا نتيجة ظهور مقاربة مغايرة توسلت بالعلوم الدخيلة في فهم خصوصية القول الشعري وكشف الأنشطة الذهنية والحركات النفسية المتحكمة في بعده التواصلي والموجهة له، وهي المقاربة التي نهلت من الفلسفة واستقت عناصرها وتصوراتها من المباحث النفسية والشعرية والمنطقية لأرسطو أساسا عبر ترجماته وشروحاته.
 ويمثل حازم القرطاجني أحد أهم من استلهم تلك التصورات وأفاد منها، سواء في جانبها البياني الصرف أو بعدها الفلسفي، الأمر الذي مكنه من فهم طبيعة العلاقة بين الذاتين الشاعرة والمتلقية ومقاربتها. ولعل مما يبرز قيمته وتميزه كونه لم ينظر إلى العملية الشعرية في بعدها البلاغي، كما أنه لم يحصرها ضمن علاقاتها البنيوية ومكوناتها الأسلوبية، بل فهمها على نحو أشمل وأعمق، بحيث نظر إليها في غنى أبعادها وتعددها، منطلقا في ذلك من كون التواصل الأولي في العملية الشعرية يتم قبل اكتمال تخلقها بين الشاعر والعالم بمختلف مكوناته وعناصره اللغوية والمادية؛ ومشددا على أن هذا التواصل الأولي شرط أساس لنوع آخر من التواصل، ألا وهو التواصل الخيالي الذي يتحقق ذهنيا بين الشاعر والمتلقي بواسطة الشعر، ويثير الملكات النفسية لكل واحد منهما عبر المكونات اللغوية والإيقاعية للشعر، التي تشتغل باعتبارها وسائل لتحقيق الفعل التخييلي في نفس المتلقي.

وستحاول الورقة المقترحة إبراز قيمة مساهمة القرطاجني في تحديد طبيعة العلاقة التواصلية بين الشاعر والمتلقي في رحاب القصيد، والكشف عن طبيعة الأنساق المعرفية التي توسل بها، والتي مكنته من أن يصوغ مقاربة عميقة ومتقدمة مقارنة بغيره من النقاد والبلاغيين .       














الاثنين، 12 ديسمبر 2016

الترجمة والمثاقفة : عبد الرحمن بدوي أنموذجا





يعتبر عبد الرحمن بدوي أحد أبرز المفكرين العرب المعاصرين الذين أنتجوا مشروعا علميا كبيرا جعل من الترجمة مدخلا لتحقيق المثاقفة بين العرب والغرب، وقد تجسد هذا المشروع في عديد الترجمات الأدبية والفكرية والفلسفية التي نقل فيها أمهات الكتب وكبريات النظريات العالمية سواء في اللغات القديمة كاليونانية واللاتينية، أو اللغات الحية كالإنجليزية والألمانية والفرنسية، وذاع بفضلها صيته منذ منتصف القرن العشرين في ربوع العالم العربي الإسلامي، بل وحتى العالم الغربي.
ولئن كانت الترجمة قد استغرقت جانبا هاما وكبيرا من نتاجه العلمي والفكري، فقد مثلت عنده أداة لترسيخ تصور في الحياة والثقافة والفكر يؤمن بضرورة مواكبة علوم الآخر والتفاعل معها، معتبرا أنها الوسيلة الوحيدة لأي نهضة علمية وتقدم حضاري. ولذلك فقد ظل يؤكد -في كثيرا مما ترجم من أعمال- أن التقوقع على الذات والانغلاق عليها ورفض التفاعل مع الآخر والتوقف عن مواكبة مستجدات العصر هو آفة الآفات وسبب التخلف الفكري والحضاري، كما كان ينبه على أن الترجمة في ذاتها لا قيمة لها ولا يمكنها أن تسهم في تحقيق الآثار المطلوبة إذا لم تصبح أداة للتفاعل والتثاقف بين الأمم، وإذا ما اقتصرت على نقل نصوص غير ذات قيمة كبيرة، أو أساءت فهمها وشوهت مضامينها ونظرياتها العلمية، مثلما حدث في الترجمات العربية القديمة للفلسفة اليونانية، وكما يحدث في كثير من الترجمات الحديثة للاتجاهات والفلسفات الحديثة، التي اضطر إلى إعادة ترجمتها وكشف حقيقة تصوراتها وأسسها.
ويفيد الاطلاع على منجز المفكر والفيلسوف العربي في العصر الحديث عبد الرحمن بدوي –كما وصفه ذات احتفاء طه حسين- باستنتاج أنه كان حريصا في أعماله الترجمية على اتباع منهج دقيق، يتجاوز الهفوات التي تحول دون الإفادة من تراث الغير وحسن التفاعل معه، عبر اختيار نصوص وأعمال مميزة تفي بتحقيق مسعاه بالتأثير في النفس والوجدان والعقل، وتمكن من تغيير نظرتها للعالم والأشياء والطبيعة والسياسة والثقافة. ولذلك حرص منذ بواكير نشأته وتفتق شخصيته العلمية على وضع خطة تأليفية تسير في ثلاثة اتجاهات: الأول عرض الفكر الأوروبي الحديث على القارئ العربي؛ والثاني إعادة ترجمة الفكر الفلسفي اليوناني القديم وتحقيق نصوصه في التراث العربي الإسلامي؛ والثالث الجمع بين الاتجاهين السابقين عبر نوع آخر من الكتابة تستثمر الترجمة وتوظفها لكن في كتابات مبتكرة وخاصة.

الأحد، 17 مايو 2015

صدر حديثا كتاب عتبات النص للكاتب والأكاديمي المغربي د.يوسف الإدريسي

صدور طبعة جديدة من كتاب

عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر

للكاتب والأكاديمي المغربي د.يوسف الإدريسي









ضمن منشورات الدار العربية للعلوم، ناشرون، بيروت، لبنان، صدرت طبعة جديدة من كتاب الباحث والأكاديمي المغربي يوسف الإدريسي: ''عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر''، وقد جاء في 134 صفحة من الحجم الكبير.

الخميس، 14 مايو 2015

التناص النقدي في مقامات بديع الزمان الهمذاني-بحث منشور بمجلة جذور عدد 39 -يناير 2015



       
التناص النقدي في مقامات بديع الزمان الهمذاني
ذ.مولاي يوسف الإدريسي
تقديم

المقامة نص إبداعي فريد في الثقافة العربية الإسلامية ووليد شرعي خالص لها ومقصور عليها، من الممكن إبراز اختلافاتها البنيوية والأسلوبية والموضوعية عن غيرها من النصوص، ورصد تطوراتها، إلا أنه من المتعذر تبين طفولتها والوقوف عند النواة النصية الأولى التي انبثقت منها ويسرت لها سبل النشأة والتشكل، ولا ترجع هذه الصعوبة إلى ضياع ملامحها الطفولية المُبَكِّرَة، وإنما تعود إلى أن المقامة ولدت كاملة وناضجة، وصارت "زهرة برية لا يُدرى كيف تفتفت"(  [1]).

الخميس، 16 أبريل 2015

ندوة الآداب والعلوم الإنسانية: من سياق الحداثة إلى الهرمينوطيقا- الراشيدية -المغرب

المؤتمر الدولي حول: الآداب والعلوم الإنسانية
من سياق الحداثة إلى الهرمينوطيقا والتأويل
  يومي : 26 و27  مارس 2010 
الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، المغرب.
النقد الفلسفي في الغرب الإسلامي
الملخص

ظلت مقولة الأثر الأرسطي في النقد والبلاغة العربيين مستولية على أبحاث بعض الدارسين المحدثين حتى ظهور كتاب منهاج البلغاء وسراج الأدباءلحازم القرطاجني (ت 684هـ)، بحيث أجمعوا أنه خير من استثمر تصوراتشراح أرسطو الفلسفية والمنطقية ومباحثهم النفسية والشعرية والموسيقية وذلك لصياغة نظرية في الشعر العربي. لكن مع ظهور المصنفات البلاغية لـلمُطَـرِّف ابن عميـرة (ت 658هـ) وابن البناء المراكشي (ت721هـ) والقاسم السجلماسي (ت حوالي 730هـ) تشكل اتجاه نقدي ادعى وجود مدرستين بلاغيتين: بيانية مشرقية؛ وفلسفية مغربية، وسعى إلى إثبات القطيعة المعرفية بينهما، وذلك من خلال إرجاع مقولاتها النظرية وتصوراتها المنهجية إلى ابن رشد (ت 595هـ) وتلامذته. 

آفاق الخطاب النقدي-جامعة آل البيت-الأردن

المؤتمر الدولي الأول آفاق الخطاب النقدي: 
الموروث السرديّ العربيّ في ضوء المناهج النقديّة المعاصرة
الأردن-جامعة آل البيت- أيام 11-12-13 ماي 2010

                           ملخـــــص البحث

التناص النقدي في مقامات بديع الزمان الهمذاني
المقامة نص إبداعي فريد في الثقافة العربية الإسلامية ووليد شرعي خالص لها ومقصور عليها، من الممكن إبراز اختلافاتها البنيوية والأسلوبية والموضوعية، ورصد تحولاتها، لكن من المتعذر تبين طفولتها والوقوف عند النواة النصية الأولى التي تولدت منها، لأنها ولدت كاملة وناضجة، وصارت زهرة برية لا يُدرى كيف تفتفت.