m
يعد التفكير في كيفية
تشكل "المتخيل الشعري" واشتغاله أحد أبرز الإشكالات النظرية التي صاحبت
الخطاب النقدي حول الأدب، ويندرج طرحه في سيرورة هذا الأخير ضمن الوعي بقيمة المصدر
الخيالي للشعـر وفاعليته التخييلية ووظيفتيه النفسية والجمالية، كما ينم عن التحول
النوعي الهام في طرائق الاقتراب من الظاهرة الإبداعية ومساءلتها.
فبعد تاريخ عريض من المقاربة
الغيبية للشعر والنظر إليه بوصفه إلهاما لقوى خارجية (شياطين أو جن أو ربات) توحي
به إلى الشاعر مصطفية إياه دون بقية الناس، وبعد تاريخ طويل من المدارسة المنغلقة
على كينونته النصية والمقتصرة على تحليل تمظهراتها الشكلية وتعبيراتها البلاغية،
والتي كانت تعتبره مجرد انتظام بنيات لغوية ودلالية وتركيبية ومحسنات بديعية في
قالب إيقاعي خاص، انبثقت –بعد هذا وذاك- رؤية جديدة في المقاربة والاشتغال تقف
عنده باعتباره تشكلا فنيا يرتكز على الخيال ويدور في فلكه بالدرجة الأولى، وأخذت
تتعامل معه –من ثمة- في إطار العلاقات والمكونات الداخلية والخارجية، والبواعث
الذاتية والموضوعية التي تشيده وتوجهه، والتي يعد فعل التخيل والذات المتخيلة
مبتدأها ومنتهاها.