تصديـــر فضيلة الأستاذ: د. عباس أرحيلة
بسم الله الرحمن الرحيم
يقع هذا
البحث في إطار النظر في حقيقة الإبداع الشعري عامة، وفي تحديد الجانب الخيالي منه
خاصة، وفي بداية التفاعل بين الفكريْن النقديَيْن: العربي واليوناني، عن طريق
الترجمة، بشكل أخص. وهي لحظة تأسيس لهوية ثقافة إسلامية عربية؛ تعتدُّ برؤيتها
للوجود، وتسعى في إصرار إلى تدوين معارفها وترسيخ كيانها الحضاري. حضارة استصفى
دينُها الإسلاميّ جوهرَ الديانات السابقة، وأرادت أن تستصفيَ – بدورها - ما في
الحضارات السابقة من علوم ومعارف.
وتلك
اللحظة من تاريخ الثقافة الإسلامية العربية اكتنفها شيء من الغموض، شأن لحظات
التكوُّن والنشأة في تاريخ الحضارات. ومن شأن ذلك أن يُثير - في العادةً - سؤال
أصالة تلك الثقافة، ومدى تفاعلاتها مع سابقاتها؛ أخذاً وعطاءً، تبعيةً وتجاوزاً.
وتأتي «حفريات»
مولاي يوسف الإدريسي بحثاً عن مفهوم التخييل الشعري، خلال لحظة التأسيس تلك، حين
شرعت المصطلحات تنبثق وتتوالد وتتنامى وتتكاثر في حقول المعرفة عامة، وفي حقل
الشعرية العربية خاصة.
ومن أجل أن يُجلي الباحث مفهوم
التخييل أثناء نشوء المصطلحات وانبثاقها في فضاء الشعرية العربية؛ اتجه صوب النصوص
المترجمة من اليونانية إلى العربية، خلال العهود الأولى لهذه الترجمة.
ويتبادر إلى ذهن القارئ سؤال:
لمَ اتخذ الباحث هذه الوجهة، وراح
يبحث عن مفهوم التخييل في فترة كانت تتحدّد فيها معالم الثقافة الإسلامية العربية
عن طريق تدوينها، وتقنين مكوناتها؟ فترة كانت فيها اللغة العربية تواجه أكثر من
تحدّ من خلال تدوين العلوم الإسلامية بفروعها المختلفة، وتدوين علوم العربية،
وتدخل معترك الترجمة من لغات لا قبل لها بها؛ لغات فقدتْ عنفوانها، وحضور أصحابها
في التاريخ، وليس فيها من المعاجم ما يُساعد على فهمها.